
في إطار سعيها المتواصل لترسيخ مفاهيم العدالة البديلة وتعزيز ثقافة التحكيم كوسيلة فعّالة وعادلة لتسوية المنازعات، نظّمت محكمة قطر الدولية بالتعاون مع المعهد الملكي للمحكّمين (CIArb) أول دورة تدريبية مكثفة باللغة العربية تؤهل المشاركين للحصول على عضوية المعهد عبر المسار السريع في مجال التحكيم التجاري الدولي. وقد شمل برنامج الدورة دراسة مُعمّقة لمجموعة من المحاور الأساسية، من بينها القانون النموذجي للتحكيم الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والمعروفة اختصاراً (الأونسيترال)، وقواعد التحكيم الخاصة بها، واتفاق التحكيم وآثاره القانونية، وآليات بدء إجراءات التحكيم وتعيين المحكّم، إلى جانب الالتزامات الملقاة على عاتق هيئة التحكيم ومسؤوليات الأطراف، والاختصاصات والصلاحيات المخولة للمحكّم. كما تناولت الدورة إجراءات التحكيم المختلفة بما في ذلك الاجتماعات والجداول الزمنية والمذكرات وإفادات الخبراء ومتطلبات الإفصاح، إضافة إلى الجلسات وإدارة المصاريف، ومتطلبات إصدار الحكم القابل للتنفيذ، وسبل الطعن بحكم التحكيم وآليات التنفيذ.
وقد شهدت الورشة مشاركة واسعة شملت ممثلين عن إدارة قضايا الدولة بوزارة العدل، فضلاً عن عدد من الجهات الحكومية والخاصة في الدولة، إلى جانب نخبة من مكاتب المحاماة القطرية. كما حضرها خبراء ومتخصصون من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إضافة إلى ممثلين عن شركات استشارية دولية مرموقة في مجالات الاستشارات الهندسية والمالية والفنية والقانونية، بما يعكس المكانة البارزة لهذه الدورة وأهميتها في تعزيز القدرات المهنية وتطوير الممارسات العملية في مجال التحكيم وتسوية المنازعات.
ومن جانبه، أشار السيد فيصل بن راشد السحوتي الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية، إلى أهمية تنظيم مثل هذه الدورات التدريبية التي تمنح المشاركين تأهيلاً دولياً معتمداً من واحدة من أبرز مؤسسات التحكيم في العالم، مؤكداً أن ذلك من شأنه أن يسهم في إعداد محكّمين متخصصين ذوي مؤهلات رفيعة المستوى يرفدون قطاع التحكيم في الدولة بخبرات نوعية. وأضاف أن هذه المبادرات تعزز من مكانة دولة قطر كمركز جاذب للاستثمارات عبر ترسيخ الثقة في الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، والتي باتت الخيار الأول للمستثمر الأجنبي نظراً لما تتسم به من مرونة وكفاءة وعدالة.
ويأتي تنظيم هذه الدورة انطلاقاً من مذكرة التفاهم الموقعة في عام 2017 بين محكمة قطر الدولية والمعهد الملكي للمحكّمين، والتي تهدف على توفير موارد نوعية للمجتمع القانوني القطري والدولي، ولا سيما الدورات التدريبية المتخصصة في مجال التحكيم باللغتين العربية والإنجليزية وفق أفضل المعايير الدولية.
وتجسد هذه المذكرة شراكة استراتيجية تهدف إلى الارتقاء بجودة البرامج التدريبية المتخصصة في مجال التحكيم وتعزيز قدرات المحامين والمحاسبين والمهندسين وخبراء الخبراء ومستشاري الدعاوى وغيرهم من المشتغلين في ميدان تسوية المنازعات في دولة قطر. وبموجب هذه الشراكة، يلتزم المعهد الملكي للمحكّمين بالتعاون مع محكمة قطر الدولية في تطوير برامج تدريبية رائدة في مجالي التحكيم والوساطة، إلى جانب تنظيم فعاليات متخصصة تُسهم في تعزيز مكانة قطر كمركز إقليمي وعالمي لتسوية المنازعات البديلة.
ويُعد المعهد الملكي للمحكّمين من أبرز المؤسسات الدولية الرائدة في مجال تدريب وتأهيل المحكّمين، إذ يضم في عضويته ما يناهز سبعة عشر ألف عضو على مستوى العالم، وله ما يزيد على أربعين فرعاً منتشرة في مختلف القارات. كما أن للمعهد فرعاً في دولة قطر يُعنى بدعم المجتمع القانوني المحلي وتعزيز قدراته في مجالات التحكيم وتسوية المنازعات وفقاً لأرقى المعايير والممارسات الدولية المعتمدة.